النائبة الشجاعة

جريدة الشروق

كتب الأستاذ سلامة أحمد سلامة

كشفت المناظرة الجريئة التى خاضتها النائبة الشجاعة جورجيت قللينى، عن الخواء الشديد لمفهوم الديمقراطية البرلمانية التى يمارسها الأعضاء من أغلبية الحزب الحاكم، أثناء المناقشة البرلمانية لمذبحة نجع حمادى. وظهر بوضوح أن من بين السيدات المصريات المشتغلات بالعمل العام، من هُنّ أقوى شخصية، وأوسع أفقا، وأشد إيمانا بالديمقراطية. كما ظهر أن الفهم القاصر للعمل الحزبى الذى يتطلب الحوار حول برامج وسياسات محددة، قد انقلب فى البرلمان المصرى إلى نوع من سلوك القطيع دون مناقشة أو تدبير، بل أصبح نوعا من ديكتاتورية الأغلبية.

لم تستطع النائبة قللينى وهى عضو فى الحزب الوطنى أن تكذب نفسها وتخدع ضميرها وتشهد زورا على ما رأته بعينيها، وسمعته بأذنيها أثناء زيارتها لنجع حمادى فى أعقاب المذبحة مع فريق من حقوق الإنسان.. فقالت إنّ ما وقع فى نجع حمادى يعد جريمة طائفية بكل المقاييس. وقد تضافرت فى التغطية عليها جهود الأمن والمحافظ. واضطر المطران فى نهاية الأمر إلى الانضمام للجوقة خوفا وطمعا.. وبعبارة أخرى حفاظا على مصالح شعبه، وحتى لا يتحول الموقف إلى فتنة كبرى.. وهكذا تحول الحادث المفجع إلى جدال لفظى أجوف: هل هو جريمة جنائية أم جريمة طائفية؟
 ولا يوجد فى الحقيقة خلاف بين التعريفين. فالجريمة الجنائية قد تنطوى على أبعاد طائفية..

والجريمة الطائفية هى جناية مكتملة الأركان. وقد بدا وكأن الغرض من إغراق الناس فى هذه السفسطة هو إبعاد شبهة الفتنة التى تنجم عن وقوع اضطهاد لفئة ما بسبب الدين أو العرق. ولم يستطع أصحاب القول بالجريمة الفردية أن يشرحوا حتى الآن لماذا يقع إطلاق الرصاص على جمهور المصلين بعد أداء القداس فى لحظة احتفال دينى كبير، ويكون ضحيته ستة من الأقباط؟ وما هو الدافع الحقيقى خصوصا أن مرتكبى الحادث من البلطجية والمأجورين، وليسوا من المتعصبين الدينيين؟!

وهذا ما حاولت أن تقوله النائبة جورجيت قللينى، وقالته بصوت عال داخل البرلمان وخارجه.. فى الوقت الذى كانت الدولة تبحث فيه عن مخرج دبلوماسى لتبرير الحدث الفظيع أمام العالم. وكأن الأمر لا يعدو أن يكون جريمة ارتكبتها عصابة من المجرمين. وأظن أنه لولا مأساة زلزال هاييتى ومفاجأة السيول التى أغرقت سيناء وأسوان لما توقف العالم عن تصويب سهامه إلينا.

لقد بدا تكتل أغلبية الحزب الوطنى فى مجلس الشعب، لكتم أنفاس النائبة، وقطع لسانها عن الكلام، وتوجيه الاتهامات إليها بأنها تسعى لبطولةكاذبة، من أكثر المشاهد البرلمانية مدعاة للسخرية، ورغبة فى المداراة عليها. وأكبر الظن أنها لو لم تكن سيدة صعيدية صلبة المراس، ولو لم تكن عضوا بالهيئة البرلمانية للحزب.. لعوملت كما يعامل نواب الإخوان فى بعض الأحيان، بمنعها من الدخول وحرمانها من الحضور، وربما طردها من صفوف الحزب، وهو ما سوف تظهر تجلياته مع إعداد قوائم المرشحين عن الحزب فى الانتخابات المقبلة.

لماذا إذن ووجهت جورجيت قللينى بكل هذا العنت البرلمانى الذى لا يقل عن العنف الطائفى الذى نشكو منه؟ وهل إنكار البعد الطائفى فى مذبحة نجع حمادى، ونفى وجود محرضين وراءهم، سوف يقضى على الفتنة ويمنع انتشارها واستغلالها؟!
 هكذا بدا التفكير السياسى لجهابذة الحزب الوطنى والمسئولين الذين بدأت تزعجهم ردود الفعل القادمة من الخارج، والتى جعلت وزير الخارجية الإيطالى ينتقد معاملة الأقباط فى مصر.

وردت الخارجية المصرية بأن السلطات الإيطالية أيضا تسىء معاملة المهاجرين واللاجئين الأفارقة الذىن يحطون على شواطئها.. فما أبعد المسافة بين الواقعتين، وما أغرب المقارنة بين الحالتين.. خصوصا ونحن نتهاون مع إسرائيل فى مطاردة الهاربين واللاجئين عبر الحدود المصرية إلى الجانب الآخر!
 ليس يجدى كثيرا الإغراق فى إنكار وجود توتر طائفى فى مصر.

وإذا كان المسئولون قد سارعوا إلى استبعاد الطائفية من نجع حمادى وسايرهم المطران فى ذلك، فإن هذا الإنكار لا يعنى بمنتهى البساطة سوى التجاهل لجذور الفتنة، وإغماض العيون عن المشاكل والخلافات التى تسبب الاحتكاك والخصومة، وتعميق الشعور بالظلم. وما لم نواجه هذه المشاكل بصراحة ونجتثها من جذورها، فسوف تظل مصدرا للمحن والإحن التى تحيط بنا.

ليس يجدى كثيرا ما شهدناه فى مجلس الشعب وما سوف نشهده فى الشورى من مناقشات عقيمة معقمة، تفتقر إلى الصراحة والمواجهة، وتبدو مثل تمثيلية توزع فيها الأدوار، وتتكرر الحجج والكلمات، وتنزلق فيها الخطب عبر الأسماع كما ينزلق اللاعبون على سطح الماء، ثم يخرج النواب وعلى وجوههم ابتسامة صفراء.

لن يجدى كثيرا أن تشارك الصحافة فى التغطية والتمويه على الحقائق. وتمتلئ صفحاتها بأحايث زائفة عن عمتى ما تيلدة وجارتى نازك وصديقى الذى كان يجلس معى على القهوة، ونحتفل معا بأعياد الأضحى وذبح الخروف وعيد الميلاد المجيد والغطاس، ونتبادل فيها الكعك والهدايا.

لقد تصفحت فى الأيام الأخيرة عددا من الصحف والمجلات التى عالجت أحداث المذبحة بلغو لا يقدم ولا يؤخر، ولا يصدقه المسلمون ولا الأقباط. فالكلام لا يغنى عن الفعل. وقد اعتدنا أن نتكلم كثيرا ونعمل قليلا.. وإلا فما معنى أن نظل نعيد ونزيد فى التقرير الذى كتبه جمال العطيفى قبل نحو عشرين عاما لعلاج المشاكل الطائفية، وعلى رأسها مسألة دور العبادة.. ثم لا تُتخذ خطوة واحدة لتنفيذها؟!
هذه هى القضية!

قبل إنفراط العقد

يعيش المواطن فى وطنه وفقاً لعقد إجتماعى يربطه بباقى المواطنين بحيث يضمن “الوطن” أمنه وأمن أسرته وممتلكاته دون أن يضطر هو للدفاع عنها بنفسه . فالعقد الإجتماعى هو إتفاق مجموعة من “الأفراد” فيما بينهم لتكوين “مجتمع” بناءً على قاعدة الفائدة المتبادلة وتجنب الأضرار، مقابل إستسلام الفرد لإرادة الجماعة التى توكل أمر إدارتها لبعض أفرادها “الحكومة” والتى يضبط “الدستور” عملها وينظم علاقتها بالمواطنين وعلاقاتهم ببعضهم البعض.

ففى البدء كانت الأسرة هى وحدة الحياة الإنسانية التى تواجه وحدها مخاطر الطبيعة والآخرين .وكان الرجل يعيش مع إمرأته وأطفاله الذين يتركهم كل يوم للذهاب للصيد أو الرعى بينما هو قلق وغير شاعر بالأمان خوفاً من جيرانه ، فقد يعود ليجد زوجته مذبوحة او مغتصبة أو ليجد منزله محترق أو أطفاله مقتولين أومخزونه من المئون قد تم نهبه . فقد كان هو الصياد والطبيب والخازن والشرطى والمحارب والقاضى وصانع الأدوات ….إلخ ، وكانت مهمة حماية نفسه وأسرته تنصب على رأسه وحده فقد كان شعار هذه العصور الهمجية هو ” حقى بدراعى “. ولم يكن هناك قانون سوى قانون البقاء الاقوى الذى يسود الحيوانات.

فتعب مما هو فيه وفكر لماذا يجب عليه ان يعيش هكذا فى رعب دائم ، فإقترب من جيرانه عارضاً عليهم التعاون للعيش فى سلام فرحبوا بفكرته –  فقد كانوا هم أيضاً يخشونه – وهكذا ووفقاً لهذا العقد الإجتماعى البدائى ،  كان  الرجال يذهبون للصيد أو الرعى وهم مطمئنين على بيوتهم وزوجاتهم وخزين مؤنهم فقد تركوا ورائهم جزء آخر من الرجال ليحرسها .

وبشكل تدريجى إقتربت العائلات المتناثرة للإقامة بجوار بعضها البعض لتسهيل مهمة القائمين بالحماية ، وتطورت العلاقات بينهم ، فنشأ المجتمع الذى يقوم على التعاون والإعتماد المشترك بين الرجال وبعضهم والنساء وبعضهن ، ومع مرور الزمن ظهرت المهن والتخصصات فهذا صياد وهذا مزارع وهذا حداد وهذا طبيب والآخر محارب للدفاع عن القبيلة ، وظهرت فكرة المقايضة لبيع ثمرة الجهد بين الأفراد.

وبمرور الزمن نمت القبائل ، ووجدت بعض القبائل أنها أكبر وأقوى من غيرها فأغرتها قوتها بالإغارة على القبائل المجاورة الأصغر ونهبها وحرق بيوتها ، وبعد أزمنة من المعاناة فكر قادة القبائل فى السلام المتبادل بنفس الكيفية التى تكونت بها القبيلة ، فظهرت الإمارت والمقاطعات التى تضم شعوب عدة قبائل تعيش فى إقليم معين وفقاً لعقد إجتماعى يضمن التعايش والأمان ثم إندمجت الأقاليم والإمارت فى دول ، وظهرت الدولة الوطن بنفس الكيفية .

وحتى بعض الدول المستقلة إندمجت فى دول إتحادية كبرى (كالولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتى السابق والإتحاد الأوربى ) لتحصيل المزيد من الرخاء والأمان والقوة فى مواجهة الآخرين .

وللوطن ثلاثة ركائز أساسية يقوم عليها هى :

الأمان : فهذا هو السبب الأساسى الذى إجتمع الأفراد من أجله إلى جوار بعضهم البعض ، وهو الركيزة الاولى لفكرة الوطن ، أياً كان حجم هذا الوطن أو شكله أو نظام حكمه. بل تطور شكل الامن فأصبح هناك من يصون الأمن داخل الوطن (الشرطة) وهناك من يصون أمن الوطن تجاه الخارج (الجيش) ثم نشأت الأفرع والتخصصات داخل كل منهما.

المساواة : وهى أن يخضع كل فرد لنفس القوانين التى يخضع لها غيره ، لأن جميع الناس خلقوا متساوين، مع ضمان تكافؤ الفرص لأن المواطنين مماثلين لبعضهم البعض فى الحقوق والواجبات ولا تفرقة بينهم سواء على أساس الجنس أو الدين او الإقليم أو الطبقة الإجتماعية ، فكل واحد منهم يحتاج للآخرين لكى يستطيع الحياة.

العدالة : العدل أساس الملك كما تقول الحكمة ، فلا يمكن ان يعتدى أحد من افراد المجتمع على الآخر أو يظلمه ويتركه باقى أفراد الوطن دون عقاب رادع ، لأن ضياع الحقوق يؤدى لتفكك كيان الوطن نفسه وزواله. وكما يقول الكاتب المغربى عزيز العرباوى : فإن غياب العدالة يدفع أفراد المجتمع  إلى البحث عن سبل أخرى للحفاظ على حقوقهم كالالتجاء إلى الخارج مثلاً أو طرق باب منظمات حقوقية وطنية ودولية لحمايتهم من انتفاء العدالة في مجتمعهم.

وهذه الركائز الثلاثة هى بمثابة الحقوق الأساسية للمواطن والتى يمنح مقابلها لمجتمه الخضوع والولاء والضرائب .

ومع كل ما يحدث للأقباط فى مصر من غياب للأمان منذ السبعينات بالقتل المستمر لهم على الهوية والإعتداءات والهجمات المتكررة (المتزايدة) عليهم ، والعقاب الجماعى ضدهم من الأغلبية مع تواطئ رجال الأمن مع المعتدين وإمتناعهم عن ممارسة واجبهم فى حماية الأقباط ، وما ولده ذلك لديهم من خوف ورعب دائمين مما قد يحمله الغد من مخاطر على نسائهم وأطفالهم وممتلكاتهم . بالإضافة للرعب من خطف البنات وإغتصابهن وإجبارهن على الإسلام.

وغياب المساوة فى تطبيق القانون بين الأقباط والمسلمين ، وشيوع المعايير المزدوجة فى التوظف وبناء وترميم دور العبادة والتحول الدينى وكل ما يتعلق بالاقباط فى جميع المجالات .

بالإضافة لغياب العدالة بترك كل من يعتدى على الأقباط حراً طليقاً بدون أى عقاب رادع سواء كان هذا الإعتداء فردى او جماعى. فالإعتداء الفردى يترك مرتكبه دون عقاب حتى ولوكان قاتل وتحميه السلطة ولو بالإدعاء انه مختل عقلياً لتهربه من العقاب !! أما الإعتداء الجماعى الذى لا يمكن للسلطة بالطبع ان توصف مرتكبيه جميعاً بالخلل العقلى !! فإنها تعتقل المجنى عليهم الأقباط وتجبرهم عى التنازل عن حقوقهم والتصالح مع قتلة اهلهم وهاتكى أعراض بناتهم وسارقى أموالهم. كما أن إزدواج المعايير الفاضح بين القبطى والمسلم أصبح هو القاعدة فى كل شئ فى مصر اليوم.

كل ذلك يعنى شئ واحد هو أن العقد الإجتماعى الذى يربط الاقباط بالمجتمع لم يعد له وجود ،  فلا امن ولا مساواة ولا عدالة ، وهذه هى الرسالة التى يبعثها الإسلاميين فى الحكومة والشارع كل يوم للأقباط لدفعهم للهجرة .

فإلى متى سيظل الأقباط وشرفاء المسلمين صامتين على ما يحدث فى مصر منذ إنقلاب يوليو 52 ؟؟

كما تعلمنا من تاريخ كل الأمم التى إنهارت فإن تدمير الأقباط وإفقارهم وتهجيرهم لن يكون إلا إنفراط أولى حبات العقد … وسيتبعه تفكك باقى الحبات وإنفصالها عن بعضها البعض بسرعة لا يتخيلها أحد ، ونتيجته الأكيدة هى فناء العقد نفسه من الوجود …

سلامة عِقد الوطن من سلامة العَقد الإجتماعى الذى يربط أبنائه..

فهل سيظل عقلاء الوطن صامتين حتى يأتى يوم لا ينفع فيه الكلام !!؟؟

الهم بلغت .. الهم فإشهد

المحافظ المكروه يهدم ملجأ للأيتام

قلما تجد مسئولا مصرياً يجتمع الناس على حبه وتقديره وقد كان المحافظ النزيه الشجاع اللواء محمد عبد السلام المحجوب واحداً من هؤلاء الرجال الحقيقين الذى أجمع عليهم المصريين ، فليس أبناء الاسكندرية فقط هم من احبوه بل أيضا كل المصريين الذين حضورا للأسكندرية فى فترة إدارته خلال الاجازات الصيفية أنبهروا بما انجزه وتمنوا لو تمتلك بلدانهم محافظا عبقريا ، شريفاً ، مصلحاً ، مهموماً بالناس ونظيف اليد مثله ، بل ربما تمنوا للرجل منصباً أكبر يستطيع فيه ان يدفع مصر كلها للامام .. وهو ما أطاح غالبا به من محافظة الإسكندرية ليودع وزارة الإدارة المحلية فى ترقية ظاهرية هدفها إبعاده عن العمل الجماهيرى لكى لا يزيد إلتفاف الناس حوله .

وهو نفس السبب الذى أتى بسببه إلى الإسكندرية خليفته اللواء عادل لبيب الذى سار على خط المحجوب بأستيكة !! فعلاً لا مجازاً

فالأرصفة التى صنعها المحجوب قام بتكسيراها وإقتلاعها من الارض وهى مازالت جديدة صلبة يعانى العمال من اجل تكسيرها او حتى خلخلتها من مكانها مما أثار جنون الناس حتى تندر السكندريون عليه بانه ( معموله عمل مدفون تحت رصيف إسكندرانى ) لذلك يقوم بتكسير كل الأرصفة مهما كانت حالتها ممتازة للعثور عليه !!

فشوه شوارع المدينة كلها دفعة واحدة واخرج أمعائها وحولها إلى كومة كبيرة من الركام مثلما فعلها من قبل فى شوارع مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة التى دمرها وخربها ثم إنصرف منها محافظاً للإسكندرية دون أن يصلح شيئاً مما أفسده ودون أن يجد خليفته موارد تكفى لإصلاح أياً منها !! ، أما الاشجار الخضراء الجميلة والزهور المتفتحة البديعة التى زرعها المحجوب ، قام سيادته بإقتلاعها وزرع بدلاً منها نباتات صبار قزمة بشعة الشكل!!!

وإنهارت خدمات النظافة لتعود شوراع المدينة الجانبية قذرة كما كانت رغم وجود نفس الشركات الاجنبية !!

أما مدخل المدينة ( طريق قناة السويس ) الذى جعله المحجوب قطعة من البهجة تعطى لزوار المدينة الجميلة فكرة بسيطة عما سيشاهدوه داخلها من جمال ، دمره سيادة المحافظ الجديد بالكامل واعلن انه سيعيده اجمل مما كان فصمت الناس مغلوباً على امرهم منتظرين الأمل القادم وسرعان ما أتت الصدمة عندما كشف المحافظ عن إبداعاته التى هى بابسط وصف تشويه وإعادة لعقارب الساعة للوراء وكان ابدع ما فيها هو ( سيراميك الحمامات )!!! الذى كسى به جدران النفق المؤدى لمدخل المدينة والذى قام بنزعه بعد ان اتى عليه الهجوم جارفاً من فنانى ومعمارى المدينة الذي جملوها فى السابق ، والزائر لعروس المتوسط يصيبه التقزز والحسرة من منظر المدخل الاسمنتى القبيح الذى مازال عارياً يحمل أثار البلاطات المنزوعة !!

أما ما فعله بعامة السكندريين فكان أفدح وابشع فقد قام بمنتهى الهمة بهدم آلاف الوحدات السكنية الجديدة التى هى حصيلة شقاء البسطاء ، فبحجة إزالة المخالفات قام بتسوية عقارات كاملة بالأرض وازالة أدوار كاملة من عمارات اخرى كثيرة ، فخسر كل الشباب الذين اشتروا شققاً وقاموا بتشطيبها تحويشة العمر فقد رأوا المحافظ يأتى بمنتهى البساطة ليقتل حلمهم البسيط فى الزواج والإستقرار ، وكانت فعلته هذه السبب الأكبر فى الكراهية الشعبية العاتية ضده ، فبالإضافة للخسارة المباشرة لهؤلاء المساكين تسبب سيادته فى إرتفاع أثمان العقارات والشقق بشكل جنونى بلغ أكثرمن الضعف خلال عام واحد ، فأصبح شراء شقة صغيرة فى منطقة عشوائية بلا خدمات هو حلم بعيد المنال …

وكما كان المحجوب الذى لقبه الناس بالمحبوب رجلاً إستثنائيا فى كل شئ ، فقد كان ايضاً عادلاً مع الأقباط فإستمع لشكواهم المريرة من منعهم من ترميم كنائسهم أو تجديدها وإستجاب لهم وأفرج عن كل طلبات الترميم وإعادة البناء لكنائس الإسكندرية التى تراكمت عبر اكثر من عشرين عامً فى الدهاليز الإدارية بعد ان عطلها المحافظين المتعصبين السابقين له تاركين الاقباط مهددين يعانون من الصلاة فى كنائس ضيقة متهالكة تحتاج للترميم قد تسقط فوق رؤسهم فى اى لحظة ، وقد زاره قداسة البابا شنودة الثالث فى مكتبه ليقدم له الشكر على كل ما يقدمه لشعب إلإسكندرية بكل طوائفهم ، بل واختاره قداسته كحكم عدل فى الكثير من المنازعات والقضايا المعلقة بين الحكومة والكنيسة ، وحتى عند عودة قداسته من رحلته العلاجية الاخيرة كان المحجوب هو مندوب الرئيس لإستقبال البابا الذى قال عنه : أننا عشنا اجمل ايامنا فى الإسكندرية فى عهد المحجوب المحبوب.

وعلى الرغم من ان المحجوب أنهى خدمته فى الإسكندرية بذكرى مؤلمة فى نفوس الاقباط عندما اعلن أن الهجمات الإرهابية المتزامنة على أربعة من الكنائس منذ عدة أعوام والتى اسفرت عن مقتل شخص وإصابة عدة اشخاص آخرين قد قام بها جميعأ شخص واحد وصفه ( بالمختل عقلياً ) وما سببه ذلك للأقباط من ألم وشعور بالقهر إلا أنهم حتى الآن لم ينسوا له عطائه للمدينة وعدالته معهم طول سنوات خدمته ، ومازالوا يذكرونه بالخير .

لذلك كان من الطبيعى أن يكون سلوك خليفته على عكسه تماما فى هذا الجانب أيضا ، فقد إستهل اللواء عادل لبيب عهده بإقفال كنيسة فى الرأس السوداء شرق الإسكندرية ، وهدم مبنى خدمات تابع لكنيسة فى منطقة أخرى غربها وها هو يكمل مسيرته فى التخريب ومحاربة الأقباط فقد قام منذ ايام بهدم مبنى للخدمات الإجتماعية يشمل ملجأ للأيتام ودار للمسنين غرب المدينة تابع لكنيسة القديس أبو سيفين على الرغم من حصول المبنى على ترخيص للبناء وتكلفته التى تبلغ الملايين من الجنيهات التى تم جمعها جنيه فوق جنيه من المتبرعين للايتام.

سيادة المحافظ لن أحدثك عن القانون فانا واثق أنك تعرفه ، كما تعرف تمام المعرفة ان المبنى مرخص من حى العامرية برقم 11569 لسنة 2007 لكنى سأخاطبك كإنسان :

سيادة المحافظ كما اجمع السكندريين على حب سلفك واسموه بالمحبوب ، فقد اجمعوا للأسف أيضا على كراهيتك واسموك بالمكروه ، تلك الكراهية التى تؤكد كل أفعالك وقراراتك أنك جدير بها …

كيف تجرأت على إتخاذ قرارالهدم وأنت تعرف أن المبنى هو دار للأيتام !!

هل صعب عليك أن يحصل الأيتام على بيت يأويبهم وسقف يظللهم !!

حتى الأيتام يا سيادة اللواء لم ترحمهم ، أما يكفيهم قسوة الدهر حتى تزيد شقائهم ؟؟

ألم تسمع يوماً بالآية القرآنية :

فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ

[سورة الضحى:9-10]

سيادة اللواء لا تقهر اليتيم ..

حرام عليك ..